تجاوزت الأعمال الرمضانية السعودية أكثر من 70% من عرضها في الماراثون والسباق الرمضاني، وبلغت ذروتها في المشاهدات ليكون للجمهور النقاش والحكم على مستوى الأعمال السعودية بشكل عام، والتي تمثلت في الإيجابيات والسلبيات، وتراوحت بين الظهور المقبول، والبروز الذي يكفل النجاح للأسماء أو لصناع العمل، أو بالأدوار المتميزة التي تقمصها نجوم الدراما الرمضانية، فتنوعت الأعمال السعودية ووصلت إلى حوالي 9 أعمال، من بينها عملان تراجيديان تمثلا في العاصوف، الزاهرية، وشكلت بعض الأعمال امتدادا للأجزاء السابقة، في حين دأب بعض المنتجين والمخرجين على صناعة أعمال درامية جديدة للمشاهدين.
العاصوف زرع الوجدانيات، وشباب البومب اكتسح المشاهدات
أكد الناقد الفني عبد الرحمن الناصر، أن عرض ما يقارب 9 أعمال في رمضان يعتبر رقما متوسطا في الإنتاج، قياساً على المساحة، والتطورات الاجتماعية والنقلات الثقافية والمواسم التي شكلتها بالسياحة في السعودية، وهذا ما يمنح الحافز لمسيرة إنتاجية مزدهرة، واليوم نشهد عددا متوسطا من الأعداد التي سبقته في السنوات الماضية، وهناك أعوام أنتجت ما يقارب 18 عملا تلفزيونيا متنوع الطرح والعرض، ونشهد في هذه الفترة ازدواجية في الأفكار، وهذا يمنح اطلاعا بأن الفكر في الإنتاج أصبح متشابها.
وتطرق إلى أن مسلسل العاصوف لامس ذاكرة ووجدانيات المجتمع، بالإضافة إلى أنه يحفز الناس على استرجاع ذاكرة أجدادهم، مشيراً إلى أن "العاصوف كان يحمل معه أخطاء في الجزء الأول، ولكنه وضع بصمة في الدراما السعودية، وكان الجزء الثاني أقل أخطاء ولكن هذه هي الدراما تمر بأخطاء تاريخية وإخراجية وفنية، فالجزء الثاني تم دمجه مع الجزء الثالث، وما يعرض الآن هو مزيج بين الجزأين الرابع والخامس، وربما سيكون ختام العاصوف، كما أن تتر العاصوف الغنائي صنع حالة مختلفة تزامنت مع العمل".
وأكد الناصر أن مسلسل "شباب البومب" يكتسح المشاهدات ويظهر بصورة جيدة تنم على أن المسلسل بدأ ينضج واحتل مكانة متقدمة لدى المشاهد.
وأضاف أن فكرة الدراما السعودية اختلفت بالوقت الراهن بوجود جيل مميز، مثل ما قدمه إبراهيم الحجاج في مسلسل "منهو ولدنا"، بالإضافة إلى خالد الفراج، ساره محمد، وغيرهم الكثير الذين قدموا أنفسهم بشكل مميز ومقبول، في حين احتل مسلسل "منهو ولدنا" مكانة مميزة لدى المشاهدين بفكرته التي جذبت المشاهدين.
الأعمال أصبحت مكررة مستهلكة
وأشار الكاتب والمخرج رجاء العتيبي إلى أن المشاهد ارتفع لديه الحس الفني العالي إلى أقصى درجاته، ووصل إلى مرحلة لا تنطلي عليه الأعمال (المسلوقة)، أو الأعمال (الضعيفة)، لهذا صار أذكى بكثير من فرق العمل التي تعمل في إنتاج الأعمال الدرامية، ومتى صار المشاهد أذكى من المخرج، أو من الكاتب، أو من الممثل، أو حتى من رئيس المنصة العارضة، فهذا يعني عزوف المشاهد عن الأعمال، لا مشاهدة، ولا تفاعل، ولا لنقد، مؤكدا أن هذا الأمر حصل هذا الموسم، وهذا تفسيره لعزوف الكثير عن التفاعل مع الأعمال المحلية الدرامية، سوى نسبة أقل بكثير من العام الماضي، والذين قبلوه مازالوا على تواصل مع الأعمال المحلية.
وأضاف في حديثه أن "هذا العزوف يمثل خطرا كبيرا على إنتاج الأعمال المحلية، لأن المعلن الذي يعد الداعم الأكبر لها، سيتوقف عن الدعم، وستتوقف الأعمال على أثره، وتحديدا في منصات العرض التجارية، والأمر يحتاج إلى مسارعة في علاج هذه الأزمة، لأن نتائجها تأتي بالتدريج دون أن يشعر أحد، سوى من أناس عندهم حساسية عالية للمشكلات الفنية، وهؤلاء تحتاجهم المنصات العارضة أكثر من أي شخص آخر".
واختتم حديثه بالإشارة للمبدعات والمبدعين في مجال الأعمال الدرامية، على مستوى التمثيل، والإخراج، والنصوص، والكتابة، منوها بأنها لا تظهر بوضوح، في ظل عاصفة من الأعمال غير المحفزة للمشاهد ومكررة ومستهلكة، ولا يوجد محتوى إبداعي يمكن أن يعول عليه.
من شارع الهرم إلى كسب الرهان والعاصوف تراجع
وأوضح الناقد الفني حسن النجمي أن مستوى الأعمال هذا العام متصاعد، وحالياً أرى مسلسلات العاصوف والزاهرية ومنهو ولدنا، هم الذين مثلوا الدراما الحقيقية، والحضور الأكبر يتمثل في مسلسل "منهو ولدنا"، ويأتي ذلك لعدة أسباب، أولها عرضه في وقت الذروة وعلى قناة مميزة، خصوصاً أن نجومه من الجيل الشاب، ولم يعتد عليها المشاهد بكثرة مثل إبراهيم الحجاج وفايز بن جريس، وتعتبر روحا جديدة بالدراما السعودية رغم عملية "التمطيط" في العمل، والأحداث التي تسير في بطء شديد، ويعتبر كفكرة عملا مميزا بدليل محبة الناس لهم.
وحول مسلسل العاصوف قال: العاصوف في جزئه الثالث مستواه عادي جداً، ولم يكن بذلك الحضور المنتظر، والمشاهد عبر الشاشة قد يصيبه الملل من الروايات التي تُحكى، خصوصاً أن أعمال ناصر القصبي على وتيرة واحدة في الآونة الأخيرة رغم اختلاف نظرة المشاهد، وبالحديث في الدراما الخليجية يعتبر مسلسل من شارع الهرم إلى "مثير للجدل" واستطاع كسب المشاهدات العالية من بطولة هدى حسين، ولذلك العمل سيبقى خالدا في الأعمال الخليجية بحبكته الدرامية، وتعتبر هدى حسين متفوقة حالياً على سعاد عبد الله وحياة الفهد، والعمل الناجح يثبت نفسه حتى وهو بالسباق الرمضاني بطرحه وفكره المتجدد، وهو سر أيضا لنجاح الكاتبة هبة مشاري حمادة.
وفي الحديث عن الجيل الجديد في الدراما السعودية، تطرق "هذا الجيل متميز ومبدع ويقدم مستوى متصاعدا ونشاهد خالد الفراج في استديو 22 بأدواره المختلفة المتألقة، وبالتالي أصبح نجما عالميا بالوضع الراهن بتجسيده وتقمصه للشخصيات بطريقة كوميدية، وسيكون له مستقبل باهر، بالإضافة إلى العديد من النجوم البارزين الذين حاولوا أن يسيطروا على الكعكة الرمضانية السنوية، ولاحظنا أن مسلسل "مشراق" للنجم راشد الشمراني، يعتبر مقبولا رغم عدم بروزه بالشكل الكبير، إلا أن العمل حظي بقبول مجتمعي.